كتب: سعيد شرباش
يمثل عام 2009 إطلاق شعلة الأبحاث والدراسات العلمية حول الحجامة، بعد أن كانت هناك اتجاهات مترددة على استحياء، وأخرى مهاجمة جهل أو رفض لما له علاقة بالتراث، خاصة الإسلامي، وجاءت الانطلاقة القوية المنهجية هذه المرة من غير المسلمين، والذين لا يتخذون موقفًا إلا على أساس علمي، فلا يرفضون أمرًا، وإنما يبحثونه، ويُخضِعونه للعلم، فإن ثبتَ، وثَّقوه، وصار حقيقة علمية، ثم طوَّروه ليصبح علمًا قائمًا بذاته؛ ليستفيدوا منه أكبر استفادة.
وشهدت الدراسات الأجنبية دراسات تستهدف تقييم فاعلية الحجامة في العلاج، وبدأت بعلاج ألم المفاصل، ولما ثبتت فاعلية الحجامة في هذا الأمر، توالت الدراسات والأبحاث في ألمانيا والصين وكوريا وإيران، وبطبيعة الحال تبعتها بعض الدول العربية، وتوالى نشر التقارير التي تقترح آليات الحجامة في العلاج ومدى تأثيراتها الفسيولوجية، حتى إن موقع PubMed على الإنترنت نشر هذه الدراسات؛ لشدة أهميتها وكثرتها، ويمكن الاطلاع عليها من خلال الموقع المشار إليه.
وخلاصة ما تَوصَّل إليه الباحثون الأجانب في دراساتهم المنهجية العلمية أن العلاج بالحجامة أثبت فاعلية أشَدَّ من الطب الحديث، دون أي آثار جانبية، في علاج آلام أسفل الظهر والرقبة والكتف والركبة، وأنها تميزت بسرعة التداوي ومأمونيته وبساطته ورضا المرضى له، بعد أن لمسوا النتائج، ووجدوا أن الحجامة لا تسبِّب لهم أي مضاعفات أو تأثيرات مضادة، كما يفعل الطب الحديث.
وفي المقابل لا تزال معظم الدول العربية – إلا من رحم ربي – تتردد بين القبول على استحياء، والتحفظ من استخدام الحجامة، والرفض لها؛ بمبرر أنها رجعية أو أن الأبحاث والدراسات غير كافية، وألبسوا كلامهم رداءً علميًّا زائفًا، يشفُّ عن عدم متابعتهم لما يحدث في العالم من تطور علمي، بقولهم إن العلم لا يزال حتى الآن يجهل الآلية التي تحدث بها فاعلية الحجامة، رغم أن الكثير من الدراسات أوضحت هذه الآلية، بل إن مجرد البحث على الإنترنت يفتح لك مواقع لا حصر لها، توضح بمنتهى البساطة آلية علاج الحجامة وفاعليتها، ولكنهم اكتفوا برمي الحجامة بتهم باطلة، كالشعوذة والدجل والتخلف… إلى آخر تلك التهمة المتداولة.
وعنادهم إنما هو ضرر بالغ بالمرضى، خاصة أن الطب الحديث يقف عاجزًا أمام العديد من الأمراض، بل إنه يعجز أحيانًا عن معرفة سبب المرض أو الألم، ويكتفي بإعطاء أدوية بعضها ضرره أشد من تسكينه للألم، كأدوية الآلام المزمنة المصاحبة للروماتيزم، التي على كثرتها لم تفلح حتى الآن في تسكين الألم، فما بالك بعلاجه؟! ومع تناول هذه الأدوية المسكنة والمضادة لآلام الروماتيزم تأتي الكارثة في الآثار الجانبية التي تخلِّفها؛ لتزيد من أوجاع المريض.